فصل: وروي عن الواقدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **


 وروي عن الواقدي

أن أبا بكر ولى عمرًا فلسطين وشرحبيل الأردن ويزيد دمشق وقال‏:‏ إذا كان قتال فأميركم الذي تكونون في عمله‏.‏

وروي أيضًا أنه أمر عمرًا مشافهة أن يصلي بالناس إذا اجتمعوا وإذا تتفرقوا صلى كل أمير بأصحابه‏.‏

وأمر الأمراء أن يعقدوا لكل قبيلة لواء يكون فيهم‏.‏

قالوا‏:‏ فلما صار عمرو بن العاص إلى أول عمل فلسطين كتب إلى أبي بكر يعلمه كثرة عدد العدو وعدتهم وسعة أرضهم ونجدة مقاتلتهم‏.‏

فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي وهو بالعراق يأمره بالمسير إلى الشام‏.‏

فيقال إنه جعله أميرًا على الأمراء في الحرب‏.‏

وقال قوم‏:‏ كان خالد أميرًا على أصحابه الذين شخصوا معه وكان المسلمون إذا اجتمعوا لحرب أمره الأمراء فيها لبأسه وكيده ويمن نقيبته‏.‏

قالوا‏:‏ فـ

 أول وقعة كانت بين المسلمين وعدوهم

بقرية من قرى غزة يقال لها دائن كانت بينهم وبين بطريق غزة‏.‏

فاقتتلوا فيها قتالًا شديدًا‏.‏

ثم إن الله تعالى أظهر أولياءه وهزم أعداءه وفض جمعهم وذلك قبل قدوم خالد بن الوليد الشام‏.‏

وتوجه يزيد بن أبي سفيان في طلب ذلك البطريق‏.‏

فبلغه أن بالعربة من أرض فلسطين جمعًا للروم فوجه اليهم أبا أمامة الصدي بن عجلان الباهلي فأوقع بهم وقتل عظيمهم ثم انصرف‏.‏

وروى أبو مخنف في يوم العربة أن ستة قاد من قواد الروم نزلوا العربة في ثلاثة آلاف فسار اليهم أبو أمامة في كثف من المسلمين فهزمهم وقتل أحد القواد ثم اتبعهم فصاروا الى الدبية فهزمهم وغنم المسلمون غنمًا حسنًا‏.‏

وحدثني أبو حفص الشامي‏.‏

عن مشايخ أهل الشام قالوا‏:‏ كانت أول وقائع المسلمين وقعة العربة ولم يقاتلوا قبل ذلك مذ فصلوا من الحجاز‏.‏

ولم يمروا بشيء من الأرض فيما بين ابلحجاز وموضع هذه الوقعة إلا غلبوا عليه بغير حرب وصار في أيديهم‏.‏

ذكر شخوص خالد بن الوليد إلى الشام وما فتح في طريقه‏.‏

قالوا‏:‏ لما أتى خالد بن الوليد كتاب أبي بكر وهو بالحيرة خلف المثنى بن حارثة الشيباني على ناحية الكوفة وسار في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة في ثمان مئة ويقال في ست مئة ويقال في خمس مئة فأتى عين التمر‏.‏

ففتحها عنوة‏.‏

ويقال إن كتاب أبي بكر وافاه وهو بعين التمر وقد فتحها فسار خالد من عين التمر فأتى صندودآء وبها قوم من كنده وأياد والعجم فقاتله أهلها فظفر وخلف بها سعد بن حرام الأنصاري فولده اليوم بها‏.‏

وبلغ خالدًا أن جمعًا لبنى تغلب بن وائل بالمضيح والحصيد مرتدين عليهم ربيعة بن بجير‏.‏

فأتاهم فقاتلوه فهزمهم وسبي وغنم وبعث بالسبي إلى أبي بكر‏.‏

فكانت منهم أم حبيب الصهباء بنت حبيب بن بجيير وهي أم عمر بن أبي طالب‏.‏

ثم أغار خالد على قراقر وهو ماء لكلب ثم فوز منه إلى سوى وهو ماء لكب أيضًا ومعهم فيه قوم من بهرآ‏.‏

فقتل حرقوص بن النعمان البهراني من قضاعة واكتسح أموالهم‏.‏

وكان خالد لما ركب المفازة عمد إلى الرواحل راحلةً راحلةً ويشرب وأصحابه الماء من أكراشها‏.‏

وكان له دليل يقال له رافع بن عمير الطائي ففيه يقول الشاعر‏:‏ لله در نافعٍ أنى اهتدى فوز من قرارٍ إلى سوى ماءٌ إذا ما رامه الجبس انثنى ما جازها قبلك من إنسٍ يرى وكان المسلمون لما انتهوا إلى سوى وجدوا حرقوصًا وجماعةً معه يشربون ويتغنون وحرقوص يقول‏:‏ ألا عللاني قبل جيش أبي بكر لعل منايانا قريبٌ ولا ندرى فلما قتله المسلمون جعل دمه يسيل في الجفنة التي كان فيها شرابه‏.‏

ويقال إن رأسه سقط فيها أيضًا‏.‏

وقال بعض الرواة‏:‏ إن المغنى بهذا البيت رجل ممن كان أغار خالد عليه من بني تغلب مع وقال الواقدي‏:‏ خرج خالد من سوى إلى الكواثل ثم أتى قرقيسيا فخرج إليه صاحبها في خلق فتركه وانحاز إلى البر ومضى لوجهه وأتى خالد أركة وهي أرك فأغار على أهلها وحاصرهم ففتحها صلحًا على شيء أخذه منهم للمسلمين‏.‏

وأتى دومة أتجندل ففتحها‏.‏

ثم أتى قصم فصالحه بنو مشجعة ابن أتتيم بن النمر بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وكتب لهم أمانا‏.‏

ثم أتى تدمر فامتنع أهلها وتحصنوا ثم طلبوا الأمان فأمنهم على أن يكونوا ذمة وعلى أن قروا المسلمين ورضخوا لهم‏.‏

ثم أتى القريتين فقاتله أهلها فظفر وغنم‏.‏

ثم أتى حوارين من سنير فأغار على مواشي أهلها فقاتلوه وقد جاءهم مدد أهل بعلبك وأهل بصرى وهي مدينة حوران فظفر بهم فسبى وقتل‏.‏

ثم أتى مرج راهط فأغار على غسان في يوم فصحهم وهم نصارى فسبى وقتل‏.‏

ووجه خالد بسر بن أبي أرطاة العامري من قريش وحبيب بن مسلمة القهري إلى غوطة دمشق فأغار على قرى من قراها‏.‏

وصار خالد إلى الثنية التي تعرف بثنية العقاب بدمشق‏.‏

فوقف عليها ساعة ناشرًا رايته وهي راية كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سودآء فسميت ثنية العقاب يومئذ‏.‏

والعرب تسمى الراية عقابًا وقوم يقولون‏:‏ إنها سميت بعقاب من الطير كانت ساقطة عليها‏.‏

والخبر الأول أصح‏.‏

وسمعت من يقول‏:‏ كان هناك مثال عقابٍ من حجارة وليس ذلك بشيء‏.‏

قالوا‏:‏ ونزل خالد بالباب الشرقي من دمشق ويقال بل نزل بباب الجابية فأخرج إليه أسقف دمشق نزلًا وخدمه فقال‏:‏ احفظ لي هذا العهد‏.‏

فوعده بذلك‏.‏

ثم سار خالد حتى انتهى إلى المسلمين وهم بقناة بصرى‏.‏

ويقال إنه أتى الجابية وبها أبو عبيده في جماعة من المسلمين فالتقيا ومضيا جميعًا إلى بصرى‏.‏

فتح بصرى قالوا‏:‏ لما قدم خالد بن الوليد على المسلمين بصرى اجتمعوا عليها وأمروا خالدًا في حربها ثم ألصقوا بها وحاربوا بطريقها حتى ألجأوه وكماة أصحابه إليها‏.‏

ويقال بل كان يزيد بن أبي سفيان المتقلد لأنر الحرب لأن ولايتها وإمرتها كانت إليه لأنها من دمشق‏.‏

ثم إن أهلها صالحوا على أن يؤمنوا على دمائهم وأموالهم وأولادهم على أن يؤدوا الجزية‏.‏

وذكر بعض الرواة أن أهل بصرى صالحوا على أن يؤدوا عن كل حالم دينارأ وجريب حنطة‏.‏

وافتتح المسلمون جميع أرض كورة حوران وغلبوا عليها‏.‏

قال‏:‏ وتوجه أبو عبيده بن الجراح في جماعة من المسلمين كثيفة من أصحاب الأمراء ضموا إليه فأتى مآب من أرض البلقاء وبها جمع العدو فافتتحها صلحًا على مثل صلح بصرى‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ إن أبا عبيده فتح مآب وهو أمير على جميع الشام أيام عمر‏.‏

يوم أجنادين ويقال أجنادين ثم كانت وقعة أجنادين وشهدها من الروم زهاء مئة ألف سرب هرقل أكثرهم وتجمع باقوهم من النواحي وهرقل يومئذ مقيمٌ بحمص‏.‏

فقاتلهم المسلمون قتالًا شديدًا وأبلى خالد بن الوليد يومئذ بلاءً حسنًا ثم إن الله عزم أعداءه ومزقهم كل ممزق وقتل منهم خلق كثير‏.‏

واستشهد يومئذ عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم وعمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وأخوه أبان بن سعيد وذلك الثبت ويقال بل توفي أبان في سنة تسع وعشرين‏.‏

وطليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصي بارزه علج فضربه ضربة أبانت يده اليمنى فسقط سيفه مع كفه ثم غشيه الروم فقتلوه‏.‏

وأمه أروى بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يكنى أبا عدي‏.‏

وسلمة بن هشام بن المغيرة ويقال إنه قتل بمرج الصفر‏.‏

وعكرمة بن أبي جهل ابن هشام المخزومي‏.‏

وهبار بن سفيان بن عبد السد المخزومي ويقال بل قتل يوم مؤتة‏.‏

ونعيم بن عبد الله النحام العدوى ويقال قتل يوم اليرموك‏.‏

وهشام بن العاص بن وائل السهمي وقال قتل بوم اليرموك‏.‏

وعمر بن طفيل ابن عمرو الدوسي ويقال قتل يوم اليرموك‏.‏

وجندب بن عمرو الدوسي‏.‏

وسعيد بن الحارث‏.‏

والحارث بن الحارث‏.‏

والحجاج بن الحارث بن قيس بن عدي السهمي‏.‏

وقال هشام بن محمد الكلبي‏:‏ قتل النحام يوم مؤتة وقتل سعيد بن الحارث بن قيس يوم اليرموك وقتل تميم بن الحارث يوم أجنادين وقتل عبيد الله بن عبد الأسد أخوه يوم اليرموك‏.‏

قال‏:‏ وقتل الحارث بن هشام ابن المغيرة يوم أجنادين‏.‏

قالوا‏:‏ ولما انتهى خبر هذه الوقعة إلى هرقل نخب قلبه وسقط في يده وملىء رعبًا فهرب من حمص إلى إنطاكية‏.‏

وقد ذكر بعضهم أن هربه من حمص إلى إنطاكية كان عند قدوم المسلمين الشام‏.‏

وكانت وقعة أجنادين يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ويقال لليلتين خلتا من جمادى الآخرة ويقال لليلتين بقيتا منه‏.‏

قالوا‏:‏ ثم جمعت الروم جمعًا بالياقوصة والياقوصة وادٍ فمه الفوارة فلقيهم المسلمون هناك فكشفوهم وهزموهم وقتلوا كثيرًا منهم ولحق فلهم بمدن الشام‏.‏

وتوفى أبو بكر رضي الله عنه في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة فأتى المسلمين نعيه وقم بالياقوصة‏.‏

يوم فحل من الأردن قالوا‏:‏ وكان وقعة فحل من الأردن لليلتين بقيتا من ذي القعدة بعد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخمسة أشهر وأمير الناس أبو عبيده ابن الجراح‏.‏

وكان عمر قد كتب إليه بولايته الشام وإمرة الأمراء مع عامر بن أبي وقاص أخي سعد بن أبي وقاص‏.‏

وقوم يقولون‏:‏ إن ولاية أبي عبيده الشام أتته والناسمحاصرون دمشق فكتمها خالدًا أيامًا لأن خالدًا كان أمير الناس في الحرب‏.‏

فقال له خالد‏:‏ ما دعاك رحمك الله إلى ما فعلت قال‏:‏ كرهت أن أكسرك وأوهن أمرك وأنت بأجزاء عدو‏.‏

وكان سبب هذه الوقعة أن هرقل لما صار إلى إنطاكية استنفر الروم وأهل الجزيرة وبعث رجلًا من خاصته وثقاته في نفسه‏.‏

فلقوا المسلمين بفحل من الأردن فقاتلوهم أشد قتال وأبرحه حتى أظهرهم الله عليهم‏.‏

وقتل بطريقهم وزهاء عشرة آلاف معه وتفرق الباقون في مدن الشام ولحق بعضهم بهرقل وتحصن أهل فحل فحصرهم المسلمون حتى سألوا الأمان على أداء الجزية عن رؤوسهم والخراج عن أرضهم فأمنوهم على أنفسهم وأموالهم وأن لا تهدم حيطانهم‏.‏

وتولى عقد ذلك أبو عبيده بن الجراح ويقال‏:‏ تولاه شرحبيل ابن حسنة‏.‏

أمر الأردن‏.‏

عن الهيثم بن عدي قال‏:‏ افتتح شرحبيل بن حسنة الأردن عنوة ما خلا طبرية فإن أهلها صالحوه على أنصاف منازلهم وكنائسهم‏.‏

وحدثني أبو حفص الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز التنوحي عن عدة منهم أبو بشر مؤذن مسجد دمشق أن المسلمين لما قدموا الشام كان كل أمير منهم يقصد لناحية ليغزوها ويبث غارته فيها‏.‏

فكان عمرو بن العاص يقصد لفلسطين وكان شرحبيل يقصد الأردن وكان يزيد بن أبي سفيان يقصد ارض دمشق‏.‏

وكانوا إذا اجتمع لهم الدو اجتمعوا عليه وإذا احتاج أحدهم إلى معاضدة صاحبه وإنجاده سارع الى ذلك‏.‏

وكان أميرهم عند الإجتماع في حربهم أول أيام أبي بكر رضي الله عنه عمرو بن العاص حتى قدم قدم خالد بن الوليد الشام فكان أمير المسلمين في كل حرب‏.‏

ثمولي أبو عبيدة بن الجراح أمر الشام كله وإمرة الأمراء في الحرب والسلم من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك أنه لما استخلف كتب إلى خالد نعزله وولى أبا عبيدة‏.‏

ففتح شرحبيل بن حسنة طبرية صلحًا بعد حصار أيام على أن أمن أهلها على أنفسهم وأموالهم وأولادهم وكنائسهم ومنازلهم إلا ما جلوا عنه وخلوه واستثنى لمسجد المسلمين موضعًا ثم إنهم نقضوا في خلافة عمر واجتمع إليهم قوم من الروم وغيرهم فأمر أبو عبيدة عمر بن العاص بغزوهم فسارع إليهم في أربعة آلاف ففتحها على مثل صلح شرحبيل‏.‏

ويقال بل فتحها شرحبيل ثانية‏.‏

وفتح شرحبيل جميع مدن الأردن وحصوتها على هذا الصلح فتحًا يسيرًا بغير قتال‏:‏ ففتح بيسان وفتح سوسيه وفتح فيق وجرش وبيت رأس وقدس والجولان وغلب على سواد الأردن وجميع أرضها‏.‏

قال أبو حفص‏:‏ قال أبومحمد سعيد بن عبد العزيز‏:‏ وبلغني أن الوضين بن عطاء قال‏:‏ فتح شرحبيل عكا وصور وصفورية‏.‏

وقال أبو بشر الؤذن‏:‏ إن أبا عبيدة وجه عمرو بن العاص إلى سواحل الأردن فكثر به الوم وجاءهم المدد من ناحية هرقل وهو بالقسطنطينية‏.‏

فكتب الى أبي عبيدة يستمده‏.‏

فوجه أبو عبيدة يزيد بن أبي سفيان‏.‏

فسار يزيد وعلى مقدمته معاوية أخوه‏.‏

ففتح يزيد وعمرو سواحل الأردن فكتب أبو عبيدة بفتحها لهما وكان لمعاوية في ذلك بلاء حسن وأثر جميل‏.‏

وحدثني أبو اليسع الأنطاكي عن أبيه‏.‏

عن مشايخ أهل أنطاكية والأردن قالوا‏:‏ نقل معاوية قومًا من فرس بعتبك وحمص وأنطاكية إلى سواحل الأردن وصور وعكا وغيرها سنة اثنتين وأربعين‏.‏

ونقل من أساورة البصرة والكوفة وفرس بعلبك وحمص إلى انطاكية في هذه السنة أو قبلها أو بعدها بسنة جماعة‏.‏

فكان من قواد الفرس مسلم بن عبد الله جد عبد الله بن حبيب بن وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي وأخبرني هشام بن الليث الصوري‏.‏

عن مشايخ أهل الشام قالوا‏:‏ رم معاوية عكا عند ركوبه منها إلى قبرص ورم صور‏.‏

ثم إن عبد الملك بن مروان جددها وقد كانتا خربتا‏.‏

وحدثني هشام بن الليث قال‏:‏ حدثني أشياخنا قالوا‏:‏ نزلنا صور والسواحل وبها جند من العرب وخلق من الروم‏.‏

ثم نزع إلينا أهل بادان شتى فنزلوها معنا وكذلك جميع سواحل الشام‏.‏

وحدثني محمد بن سهم الأنطاكي‏.‏

عن مشايخ أدركهم قالوا‏:‏ لما كانت سنة تسع وأربعين خرجت الروم إلى السواحل وكانت الصناعة بمصر فقط‏.‏

فأمر معاوية بن أبي سفيان بجمع الصناع النجارين فجمعوا ورتبهم في السواحل‏.‏

وكانت الصناعة في الأردن بعكا‏.‏

قال‏:‏ فذكر أبو الخطاب الأزدى أنه كانت لرجل من ولد أبي معيط بعكا أرجاء ومستغلات‏.‏

فأراده هشام بن عبد الملك على أن يبيعه إباها فأبى المعيطى ذلك عليه‏.‏

فنقل هشام الصناعة إلى صور واتخذ فندقًا ومستغلًا‏.‏

وفال الواقدى‏:‏ لم تزال المراكب بعكا حتى ولّى بنو مروان فنقلوها إلى صور فهي بصور إلى اليوم‏.‏

وأمر أمير المؤمنين المتوكل على الله في سنة سبع وأربعين ومائتين بترتيب المراكب بعكا وجميع السواحل وشحنها بالمقاتلة‏.‏

يوم مرج الصفر قالوا‏:‏ ثم اجتمعت الروم جمعًا عظيمًا وأمدهم هرقل بمددٍ‏.‏

فلقيهم المسلمون بمرج الصفر وهم متوجهون إلى دمشق وذلك لهلال المحرم سنة أربع عشرة‏.‏

فاقتتلوا قتالًا شديدًا حتى جرت الدماء في الماء وطحنت بها الطاحونة وجرح من المسلمين زهاء أربعة آلاف‏.‏

ثم ولى الكفرة منهزمين مفلولين لا يلوون على شيء حتى أتوا دمشق وبيت المقدس‏.‏

واستشهد يومئذ خالد ابن سعيد بن العاص بن أمية ويكنى أبا سعيد‏.‏

وكان قد أعرس في الليلة التي كانت الوقعة في صبيحتها بأم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومي امرأة عكرمة بن أبي جهل‏.‏

فلما بلغها مصابه انتزعت عمود الفسطاط فقاتلت به‏.‏

فيقال إنها قتلت يومئذ سبعة نفر وإن بها لردع الخلوق‏.‏

وفي رواية أبي مخنف أن وقعة المرج بعد أجنادين بعشرين ليلة وأن فتح مدينة دمشق بعدها ثم بعد فتح مدينة دمشق وقعة فحل‏.‏

ورواية الواقدي أثبت‏.‏

من فارسٌ كره الطعان يعيرني رمحًا إذا نزلوا بمرج الصفر وقال عبد الله بن كامل بن حبيب بن عمير بن خفاف بن امرئ القيس ابن بهثة بن سليم‏:‏ شهدت قبائل مالكٍ # وتغيبت عني عميرة يوم مرج الصفر يعني مالك بن خفاف‏.‏

وقال هشام بن محمد الكلبي‏:‏ استشهد خالد بن سعيد يوم المرج وفي عنقه الصمصامة سيفه‏.‏

وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى اليمن عاملًا فمر برهط عمرو بن معدي كرب الزبيدى من مذ حج فأغار عليهم فسبا امرأة عمروٍ وعدةً من قومه فعرض عليه عمرو أن يمن عليهم ويسلموا ففعل وفعلوا فوهب له عمرو سيفه الصمصامة وقال‏:‏ خليلٌ لم أهبه من قلاه ولكن المواهب للكرام خليلٌ لم أخنه ولم يخني كذلك ما خلالي أو تدامي حبوت به كريمًا من قريشٍ فسر به وصين عن الليام قال‏:‏ فأخذ معاوية السيف من عنق خالد يوم المرج حين استشهد فكان عنده ثم نازعه فيه سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمبة فقضى له به عثمان فلم يزل عنده‏.‏

فلما كان يوم الدار وضرب مروان على قفاه وضرب سعيد فسقط صريعًا أخذ الصمصامة منه رجلٌ من جهينة فكان عنده‏.‏

ثم إنه دفعه إلى صيقلٍ ليجلوه فأنكر الصيقل أن يكون للجهنى مثله فأتى به مروان بن الحكم وهو والي المدينة‏.‏

فسأل الجهنى عنه فحدثه حديثه فقال‏:‏ أما والله لقد سلبت سيفي يوم الدار وسلب سعيد بن العاص سيفه‏.‏

فجاء سعيد فعرف السيف فأخذه وختم عليه وبعث به إلى عمرو بن سعيد الأشدق وهو على مكة‏.‏

فهلك سعيد فبقى السيف متاعه فأخذ السيف محمد بن سعيد أخو عمرو لأبيه‏.‏

ثم صار إلى يحيى ابن سعيد‏.‏

ثم مات فصار إلى عنبسة بن سعيد أخو عمرو لأبيه‏.‏

ثم صار إلى يحيى ابن سعيد‏.‏

ثم هلك فصار إلى محمد بن عبد الله بن سعيد وولده ينزلون ببارق‏.‏

ثم صار إلى أبان بن سعيد فحلاه بحلية ذهب فكان عند أم ولد له‏.‏

ثم إن أيوب بن أبي أيوب بن سعيد بن عمرو بن سعيد باعه من المهدي أمير المؤمنين بنيف وثمانين ألفًا فرد المهدي حليته عليه‏.‏

ولما صار الصمصامة إلى موسى الهادي أمير المؤمنين أعجب به وأمر الشاعر وهو أبو الهول أن ينعته فقال‏:‏ حاز صمصامة الزبيدي عمروٍ خير هذا الأنام موسى الأمين سيف عمروٍ وكان فيما علمنا خير ما أطبقت عليه الجفون أخضر اللون بين حديه بردٌ من ذع أف تميس فيه المنون فإذا ما سللته بهر الشم - س ضياءً فلم تكد تستبين نعم مخراق ذي الحفيظة في الهي - جا بعصا به ونعم القرين ثم إن أمير المؤمنين الواثق بالله دعي له بصقيل وأمره أن يسقنه فلما فعل ذلك تغير‏.‏

فتح مدينة دمشق وأرضها قالوا‏:‏ لما فرغ المسلمون من قتال من اجتمع لهم بالمرج أقاموا خمس عشرة ليلة ثم رجعوا إلى مدينة دمشق لأربع عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة أربع عشرة فأخذوا الغوطة وكنائسها عنوة‏.‏

وتحصن أهل المدينة وأغلقوا بابها‏.‏

فنزل خالد بن الوليد على الباب الشرقي في زهاء خمسة آلاف ضمهم إليه أبو عبيده‏.‏

وقوم يقولون إن خالدًا كان أميرًا وإنما أتاه عزله وهم محاصرون دمشق‏.‏

وسمى الدير الذي نزل عنده خالد دير خالد‏.‏

ونزل عمرو ابن العاص على باب توما‏.‏

ونزل شرحبيل على باب الفراديس‏.‏

ونزل أبو عبيده على باب الجابية‏.‏

ونزل يزيد بن أبي سفيان على الباب الصغير إلى الباب الذي يعرف بكيسان‏.‏

وجعل أبو الدر داء عويمر بن عامر الخز رجي على مسلحةٍ ببرزة‏.‏

وكان الأسقف الذي أقام لخالد النزل في بدأته ربما وقف على السور فدعى له خالد‏:‏ فإذا أتى سلم عليه وحادثه‏.‏

فقال له ذات يوم‏:‏ يا أبا سليمان‏!‏ إن أمركم مقبلٌ ولي عليك عدة فصالحني عن هذه المدينة فدعى خالد بداوة وقرطاس فكتب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذا دخلها‏:‏ أعطاهم أمانًا على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وسور مدينتهم لا يهدم ولا يسكن شيء من دورهم‏.‏

لهم بذلك عهد الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء والمؤمنين لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية ‏.‏

ثم إن بعض أصحاب الأسقف أتى خالدًا في ليلة من الليالي فأعلمه أنها ليلة عيد لأهل المدينة وأنهم في شغل وأن الباب الشرقي قد ردم بالحجارة وترك وأشار عليه أن يلتمس سلمًا‏.‏

فأتاه قوم من أهل الدير الذي عند عسكرة بسلمين فرقى جماعة من المسلمين عليهما إلى أعلى السور ونزلوا إلى الباب وليس عليه إلا رجلٌ أو رجلان‏.‏

فتعاونوا عليه وفتحوه وذلك عند طلوع الشمس وقد كان أبو عبيد بن الجراح عانى فتح باب الجابية وأصعد جماعة من المسلمين على حائطه فأنصب مقاتلة الروم إلى ناحيته فقاتلوا المسلمينقتالًا شديدًا ودخلوا منه فالتقى أبو عبيده وخالد بن الوليد بالمقسلاط وهو موضع النحاسين بدمشق وهو البربص الذي ذكره حسان بن ثابت في شعره حين قال‏:‏ يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل وقد روى أن الروم أخرجوا ميتًا لهم من باب الجابية ليلًا وقد أحاط بجنازته المسلمين من فتحه ودخوله إلى رجوع أصحابهم من دفن الميت وطمعوا في غفلة المسلمين عنهم وإن المسلمين بدروا بهم فقاتلوهم على الباب أشد قتال وأبرحه حتى فتحوه في وقت طلوع الشمس‏.‏

فلما رأى السقف أن أبا عبيده قد قارب دخول المدينة بدر إلى خالد فصالحه وفتح له الباب الشرقي‏.‏

فدخل والأسقف معه ناشرًا كتابه الذي كتبه له‏.‏

فقال بعض المسلمين‏:‏ والله ما خالد بأمير فكيف يجوز صلحه فقال أبو عبيده‏:‏ إنه يجيز على المسلمين أدناهم‏.‏

وأجاز صلحه وأمضاه ولم يلتفت إلى ما فتح عنوة فصارت دمشق صلحًا كلها‏.‏

وكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر وأنفذه وفتحت أبواب المدينة فالتقى القوم جميعًا‏.‏

وفي رواية أبي مخنف وغيره أن خالدًا دخل دمشق بقتال وأن أبا عبيده دخلها بصلح فالتقيا بالزياتين‏.‏

والخبر الأول أثبت‏.‏

وزعم الهيثم بن عدى أن أهل دمشق صلحوا على أنصاف منازلهم وكنائسهم‏.‏

وقال محمد بن سعد‏:‏ قال أبو عبد الله الواقدي‏:‏ قرأت كتاب خالد بن الوليد لأهل دمشق فلم أر فيه أنصاف المنازل والكنائس‏.‏

وقد روى ذلك ولا أدري من أين جاء من رواه‏.‏

ولكن دمشق لما فتحت لحق بشرٌ كثير من أهلها بهرقل وهو بإنطاكية فكثرت فضول منازلها فنزلها المسلمون‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وكان فتح مدينة دمشق في رجب سنة أربع عشرة‏.‏

وتاريخ كتاب خالد بصلحها في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة‏.‏

وذلك أن خالدًا كتب الكتاب بغير تاريخ فلما اجتمع المسلمون للنهوض إلى من تجمع لهم باليرموك أتى الأسقف خالدًا فسأله أن يجدد له كتابًا ويشهد عليه أبا عبيده والمسلمين‏.‏

ففعل وأثبت في الكتاب أبي عبيده ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وغيرهم فأرخه بالوقت الذي جدده‏.‏

وحدثني القاسم بن سلام قال‏:‏ حدثنا أبو مسهر عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال‏:‏ دخل يزيد دمشق من الباب الشرقي صلحًا فالتقيا بالمقسلاط فأمضيت كلها على الصلح‏.‏

وحدثني القاسم قال‏:‏ حدثنا أبو مسهر عن يحيى بن حمزة عن أبي المهلب الصنعائي عن أبي الأشعث الصنعائي أو أبي عثمان الصنعائي أن أبا عبيده أقام بباب الجابية محاصرًا لهم أربعة أشهر‏.‏

حدثني أبو عبيد قال‏:‏ حدثنا نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعه عن رجاء بن أبي سلمة قال‏:‏ خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان رجل من الأمراء أقطعه إياها‏.‏

فقال عمر‏:‏ إن كانت من الخمس العشرة الكنيسة قال ضمرة عن علي بن أبي حملة‏:‏ خاصمنا عجم أهل دمشق إلى عمر بن عبد العزيز في كنيسة كان فلان قطعها لبني نصر بدمشق فأخرجنا عمر عنها وردها إلى النصارى‏.‏

فلما ولى يزيد بن عبد الملك ردها إلى بني نصير‏.‏

حدثني أبو عبيد قال‏:‏ حدثنا هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي أنه قال‏:‏ كانت الجزية بالشام في بدئ الأمر جريبًا ودينارًا على كل جمجمة‏.‏

ثم وضعها عمر بن الخطاب على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهمًا وجعلهم طبقات لغنى الغنى وإقلال المقل وتوسط المتوسط‏.‏

قال هشام‏:‏ وسمعت مشايخنا يذكرون أن اليهود كانوا كالذمة للنصارى يؤدون إليهم الخراج فدخلوا معهم في الصلح‏.‏

وقد ذكر بعض الرواة أن خالد بن الوليد صالح أهل دمشق فيما صالحهم عليه على أن ألزم كل رجل من الجزية دينارًا وجريب حنطة وخلًا وزيتًا لقوت المسلمين‏.‏

حدثنا عمرو الناقد حدثنا عبد الله بن وهب المصري عن عمر بن محمد عن نافع‏.‏

عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد بأمرهم أن يضربوا الجزية على كل من جرت عليه الموسى وأن يجعلوها على أهل الورق على كل رجل أربعين درهمًا وعلى أهل الذهب أربعة دنانير وعليهم من أرزاق المسلمين من الحنطة والزيت مديان حنطةً وثلاثة أقساطٍ زيتًا كل شهر لكل إنسان بالشام والجزيرة وجعل عليهم ودكًا وعسلًا لا أدري كم هو وجعل لكل إنسان بمصر في كل شهر أردبًا وكسوةً وضيافة ثلاثة أيام‏.‏

وحدثنا عمرو بن حماد بن أبي حنيفة قال حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن أسلم أن عمر بن ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة وعلى أهل الورق أربعين درهمًا مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام‏.‏

وحدثني مصعب عن أبيه عن مالك عن نافع عن اسلم بمثله‏.‏

قالوا‏:‏ ولما ولى معاوية بن أبي سفيان أراد أن يزيد كنيسة يوحنا في المسجد بدمشق‏.‏

فأبى النصارى ذلك فأمسك‏.‏

ثم طلبها عبد الملك بن مروان في أيامه للزيادة في المسجد وبذل لهم مالًا عظيمًا على أن يعطوه إياها فأبوا‏.‏

فقال‏:‏ لئن لم تفعلوا لأهدمنها‏.‏

فقال بعضهم‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ إن من هدم كنيسة جن وأصابته عاهة‏.‏

فأحفظه قوله ودعا بمعول وجعل يهدم بعض حيطانها بيده وعليه قباء خز أصفر‏.‏

ثم جمع الفعلة والنقاضين فهدموها وأدخلها في المسجد‏.‏

فلما استخلف عمر بن عبد العزيز شكا النصارى إليه ما فعل الوليد بهم في كنيستهم‏.‏

فكتب إلى عامله يأمره برد ما زاده في المسجد عليهم‏.‏

فكره أهل دمشق ذلك وقالوا‏:‏ يهدم مسجدنا بعد أن أذنا فيه وصلينا ويرد بيعةً‏.‏

وفيهم يومئذ سليمان بن حبيب المحاربي وغيره من الفقهاء‏.‏

وأقبلوا على النصارى فسألوهم أن يعطوا جميع كنائس الغوطة التي أخذت عنوة وصارت في أيدي المسلمين على أن يصفحوا عن كنيسة يوحنا ويمسكوا عن المطالبة بها‏.‏

فرضوا بذلك وأعجبهم‏.‏

فكتب به إلى عمر فسره وأمضاه‏.‏

وبمسجد دمشق في الرواق القبلة مما يلي المئذنة كتاب في رخامة بقرب السقف‏:‏ مما أمر ببنيانه أمير المؤمنين الوليد سنة ست وثمانين ‏.‏

وسمعت هشام بن عمار يقول‏:‏ لم يزل سور مدينة دمشق قائمًا حتى هدمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بعد انقضاء أمر مروان وبني أمية‏.‏

وحدثني أبو حفص الدمشقي عن سعيد بن عبد العزيز عن مؤذن مسجد دمشق وغيره قالوا‏:‏ اجتمع المسلمون عند قدوم خالد على بصرى ففتحوها صلحًا وانبثوا في أرض حوران جميعًا فغلبوا عليها‏.‏

وأتاهم صاحب أذر عات فطلب الصلح على مثل ما صولح عليه أهل بصرى على أن جميع أرض البثنية أرض خراج‏.‏

فأجابوهم إلى ذلك‏.‏

ومضى يزيد بن أبي سفيان حتى دخلها وعقد لأهلها‏.‏

وكان المسلمون يتصرفون بكورتي حوران والبثنية‏.‏

ثم مضوا إلى فلسطين وأردن وغزوا ما لم يكن فتح‏.‏

وسار يزيد إلى عمان ففتحها فتحًا يسيرًا بصلح على مثل صلح بصرى وغلب على أرض البلقاء‏.‏

وولى أبو عبيده وقد فتح هذا كله فكان أمير الناس حين فتحت دمشق إلا أن الصلح كان لخالد وأجاز صلحه‏.‏

وتوجه يزيد بن أبي سفيان في ولاية أبي عبيده ففتح عر ندل صلحًا وغلب على أرض الشراة وجبالها‏.‏

قال‏:‏ وقال سعيد بن عبد العزيز أخبرني الوضين أن يزيد أتى بعد فتح مدينة دمشق صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وهي سواحل وعلى مقدمته أخوه معاوية ففتحها فتحًا يسيرًا وجلا كثيرًا من أهلها وتولى فتح عرقة معاوية نفسه في ولاية يزيد‏.‏

ثم إن الروم غلبوا على بعض هذه السواحل في آخر خلافة عمر بن الخطاب أو أول خلافة عثمان بن عفان فقصد لهم معاوية حتى فتحها ثم رمها وشحنها بالمقاتلة وأعطاهم القطائع‏.‏

قالوا‏:‏ فلما استحلف عثمان وولى معاوية الشام وجه معاوية سفيان بن مجيب الأزدى إلى أطرابلس وهي ثلاث مدن مجتمعة فبنى في مرج على أميال منها حصنًا سمى حصن سفيان وقطع المادة عن أهلها من البحر وغيره وحاصرهم فلما اشتد عليهم الحصار اجتمعوا في أحد الحصون الثلاثة وكتبوا إلى ملك الروم يسألونه أن يمدهم أو يبعث إليهم بمراكب يهربون فيها إلى ما قبله‏.‏

فوجه إليهم بمراكب كثيرة فركبوها ليلًا وهربوا‏.‏

فلما أصبح سفيان - وكان يبيت كل ليلة في حصنه ويحصن المسلمين فيه ثم يغدو على العدو - وجد الحصن الذي كانوا فيه خاليًا فدخله‏.‏

وكتب بالفتح إلى معاوية فأسكنه معاوية جماعة كبيرة من اليهود‏.‏

وهو الذي فيه المينا اليوم‏.‏

ثم إن عبد الملك بناه بعد وحصنه‏.‏

قالوا‏:‏ وكان معاوية يوجه في كل عام إلى أطرابلس جماعة كثيفة من الجند يشحنها بهم ويوليها عاملًا فإذا نغلق البحر قفل وبقى العامل في جميعه منهم يسيرة فلم يزل الأمر فيها جاريًا على ذلك حتى ولى عبد الملك فقدم في أيامه بطريق من بطارقة الروم ومعه بشر منهم كثير فسأل أن يعطى الأمان على أن يقيم بها وؤدى الخراج‏.‏

فأجيب إلى مسئلته‏.‏

فلم يلبث إلا سنتين أو أكثر منهما بأشهر حتى تحين قفول الجند عن المدينة ثم أغلق بابها وقتل عاملها وأسر من معه من الجند وعدة من اليهود ولحق وأصحابه بأرض الروم‏.‏

فقدر المسلمون بعد ذلك عليه في البحر وهو متوجه إلى ساحل للمسلمين في مراكب كثيرة فقتلوه ويقال‏:‏ بل أسروه وبعثوا به إلى عبد الملك فقتله وصلبه‏.‏

وسمعت من يذكر أن عبد الملك بعث إليه من حصره بأطرابلس ثم أخذه سلمًا وحمله إليه فقتله وصلبه‏.‏

وهرب من أصحابه جماعة فلحقوا ببلاد الروم‏.‏

وقال علي بن محمد المدائني قال عتاب بن إبراهيم‏:‏ فتح أطرابلس سفيان بن مجيب ثم نقض